محاربة الفساد في المغرب 2025: خطوة للأمام.. ومازال الطريق طويلاً
الأنوال نيوز :بقلم سمير بوزيد
أنا أؤمن أن الفساد يشكل عائقاً خطيراً أمام أحلامنا في تنمية وطننا وتحقيق العدالة الاجتماعية. منذ 2015، أطلقت بلادنا استراتيجية وطنية لمحاربته، وعملت الدولة على تعزيز التشريعات وإنشاء هيئات متخصصة، مثل الهيئة الوطنية للنزاهة.
ومع ذلك، لا زلنا نعاني من فجوة كبيرة بين القوانين المكتوبة على الورق، وبين الواقع العملي الذي نلمسه في التأخر في متابعة ملفات الفساد.
التقارير الرسمية، وبالأخص تقرير المجلس الأعلى للحسابات لعامي 2023-2024، يوضح لي أن النظام الوطني لمكافحة الفساد يفتقر إلى التنسيق المنسجم بين الجهات المسؤولة، إضافة إلى غياب نظام إلكتروني موحد للرصد والمتابعة، ما يبطئ الإجراءات ويحد من الشفافية.
وأزيد على ذلك أن تكلفة الفساد ضخمة للغاية، إذ إن الفساد يكلف المغرب ما بين 4 إلى 6% من الناتج الداخلي الخام، ما يعادل نحو 18 إلى 25 مليار درهم سنويًا. هذا يُضعف الخدمات التي نعتمد عليها جميعًا، من صحة وتعليم وبنى تحتية، ويزيد من الفوارق الاجتماعية المؤذية في بلدنا.
وعلى الرغم من أن الحكومة تبدي إرادة سياسية واضحة لمحاربة الفساد، إلا أني لا أهرب من حقيقة أن ضعف استقلالية الهيئات الرقابية وتداخل أدوار المؤسسات يعرقل التقدم الحقيقي.
حتى مؤشر مدركات الفساد يجعلنا نتوقف عند المرتبة 99 عالميًا لسنة 2024، بدرجة 37 من أصل 100. هذا مؤشر يحثنا على التسريع في إنفاذ القانون والرقي بمحاسبة المسؤولين.
أما موضوع حماية المبلغين عن الفساد فهو من النقاط التي أعتبرها حرجة جداً، حيث أن عدم انصياعنا لتشريعات قوية تكفل لهم الحماية يجعلهم عرضة للتهديد، وينقصنا بذلك عدد البلاغات الحقيقية التي يمكن الاعتماد عليها.
في القطاعات الاجتماعية الحيوية مثل الصحة والتعليم، تظهر مظاهر الفساد أكثر وضوحًا، وهو ما يعطل الاستثمار ويشوه مسارات التنمية. وأيضًا الفساد الإداري يعرقل بيئة الأعمال، ويزيد من تعقيدات الإجراءات الحكومية.
في هذا السياق، الإعلام الاستقصائي يعتبر شريكًا أساسيًا في المكافحة، ولكنني أعلم جيدًا مدى الضغوط التي يتعرض لها، والتي تحد كثيرًا من فعالية دوره. لذا دعم الإعلام المستقل قضية لا يمكن إغفالها.
على الرغم من هذه التحديات، أود أن أذكر أننا حققنا إنجازات مهمة؛ منها إطلاق منصات إلكترونية مثل بوابة “نزاهة” لتلقي الشكايات ونشر التقارير، واتفاقيات تعاون بين أجهزة الحكامة لمكافحة الفساد بشكل أفضل.
أخيرًا، أؤمن أن نجاح معركتنا يتطلب تكاتف الجميع في:
– تحديث الأنظمة الرقمية للمتابعة والرقابة.
– صدور قوانين حماية ممتازة للمبلغين.
– دعم الهيئات الرقابية والقضائية ماليًا وفنيًا.
– تقليل البيروقراطية من خلال رقمنة الإجراءات.
– إنشاء حملات توعية مستمرة لتعزيز ثقافة النزاهة.
– تمكين الإعلام المستقل بتوفير الدعم والحماية اللازمة.
أدعوّ كل المعنيين إلى جعل هذه الإجراءات أولويتهم حتى تتمكن بلادنا من بناء دولة نزيهة وعادلة تلبي آمال شعبها.
أنا هنا أشارككم هذا التحليل آملًا أن نكون على درب واضح، وأن نناضل جميعًا لإضاءة طريق الشفافية والمساءلة من أجل مغرب أفضل لنا ولأجيالنا القادمة.
سمير بوزيد – حقوقي وناشط في مكافحة الفساد

العلمي الحروني : من أجل استراتيجية شاملة للعدالة الانتقالية بالمغرب
الرباط تحتضن ندوة دولية حول إخراج ملف الصحراء المغربية من اللجنة الأممية الرابعة في ضوء قرار مجلس الأمن 2797
انطلاق أشغال الدورة العادية الـ 36 للمجلس العلمي الأعلى
القناة الثانية تكشف عن برمجتها الخاصة لمواكبة كأس أمم إفريقيا المغرب 2025
أوكي..