حديث الجمعة : اعتبار رشيد مشقاقة
الأنوال نيوز
حديث الجمعة :
اعتبار
الذين زاروا مقر جريدة الأهرام المصرية يمرون على احد الطوابق العلوية ، فيشاهدون مكتبا مفتوحا وكاتبة نشيطة ، أما صاحبه فقلما يزوره ،لكنه يبعث مرة في الشهر أو الشهرين مقالة اوخاطرة أو وجهة نظر .
لم يقفل المكتب بالمزلاج .!
لم يستغله مدير تحرير جريدة الأهرام لغرض آخر !
لم يجلس به أحد .!
المكتب لصاحبه، وصاحبه غاب اوحضر ليس شرطا ،فهو رافد وشريان من روافد وشرايين هذه المؤسسة العتيده ،وعلى حد قول جبران خليل جبران:وفي العرين ريح ليس يقربه .
بنو الثعالب غاب الأسد أو حضروا.
فهو كالاسود لها صيتهاوصوتها وشجاعتها سيان غابت ام حضرت:
تسالني عن صاحب المكتب اقول لك: أنه نجيب محفوظ!!
الأسرة الإعلامية التي انتمى إليها الإديب العالمي الكبير، لم تنع خبر مرضه او موته وتستغني عن مكتبه وكاتبته وأقلامه وأوراقه الخاصة برفوفه، الرجل حاضر بفكره وأدبه ومعناه سواء تحامل على نفسه وأتى باكرا اليه؛ أو اقعده المرض، أو أسلم الروح لبارئها، فهو حي يعتبر.
هكذا تعترف الامم بمفكريها و ادبائها ورجالاتها والسواعد البيضاء التي تنير لها معالم الطريق .
تعالى عندنا واسأل مؤسسة اعلامية _ان كانت لها بناية تليق بها من الاساس_ او مرفقا عموميا :هل لازال يحتفظ بمكتب رجل فكر اوادب بحجراته ؟, ما ان يصفر الحكم ان انتهى زمن الوظيفة بالتقاعد ، او عندما يبت الموت في قضية الحياة ؛حتى يسارع زبانية النسيان الى إفراغ مهبط وحي المفكر او المبدع..
تختفي ببلادي معالم و آثار رجال ونساء ساهموا بما حباهم الله من علم وعمل بمجرد ان يعز الوصال لمرض او موت ، لا يعرف الجيل اللاحق انه بهذا المكتب او هذا المقر كان هناك صاحب قلم يمهد له سبل العيش الكريم او يمنحه متعة الحياة بما يؤلفه: رواية كان او شعرا ام فكرا رصينا ،نفتقد في حياتنا علامات التشوير التي تومئ للزائر ان بهذه المؤسسة الاعلامية وهذا المرفق العمومي كان هناك قلم سيال وفكر نابض وقلب مكسور يئن لاوجاع مجتمعه .
في لقطة فريدة ، يجري الأطفال والشباب نحو رئيسهم السابق ميشل اوباما وهو يعبر الشارع راجلا ليوقع لهم على مذكراتهم ، هو ذا الاعتبار.
نحن نسأل عن سر تخلفنا: المسالة بسيطة جدا : نحن حولنا البني آدم المعطاءعندنا الى ما يسميه أخواننا المصريون( بغل الحكومة) ، نجتهد لنميته و نضعه على رف النسيان . لذلك نعاني من فقدان الذاكرة ،وتنتشر عندنا التفاهة، وتستاسد أرانب السباق!!
لازال كرسي نجيب محفوظ بمقهاه الأثير ، و الذي زار مقر جريدة الأهرام وجد مكتبه . الرجل حي ؛له اعتباره اما الذي انتقل الى عفو اله فجسد تلاشى، وظل الفكر عصيا على الموت .
فلنعتبر يا اولي الالباب
أوكي..