ندوة في باريس حول حرية الصحافة في المغرب تتعرَّض للتشويش
الأنوال بريس -متابعة -
لم تنج ندوة حول حرية الصحافة بالمغرب، نظمت في العاصمة الفرنسية باريس، من التضييق والمنع من الحديث وإن اختارت أرضاً لها في غير المغرب، فقد تفاجأ المتابعون أول أمس السبت، بما آلت إليه ندوة أرادت التطرق لواقع الحريات والصحافة في المغرب من تنظيم «أسدوم» «جمعية الدفاع عن حقوق اخديجة الرياضي، والصحافي والناشط في صحافة التحقيق هشام المنصوري،لإنسان في المغرب»، وتأطير الناشطة الحقوقية الحائزة جائزة الأمم المتحدة، والصحافية في جريدة «الإنسانية» الفرنسية، روزا موساوي، حيث لم يستطع هؤلاء المتدخلون الخوض في الموضوع بسبب الفوضى التي أحدثتها عناصر جاءت بغرض نسف النشاط، حسب ما ذكرت صحف فرنسية وما دونه نشطاء على جدرانهم بـ «فيسبوك» وما أظهره شريط فيديو يسجل تفاصيل ما حدث.
وقال هشام منصوري، أحد المتدخلين في الندوة الذي لم يستطع تناول الكلمة «بمجرد دخولنا القاعة التي احتضنت النشاط في باريس عرفت أن الندوة سيتم نسفها بمجرد ما رأيت حضور محمد كروط، وهو من دفاع الضحايا المفترضات في قضية الصحافي توفيق بوعشرين، ومحامي الدولة المغربية في عدد من القضايا والبرلمانية حنان رحاب القيادية في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والمساندة للضحايا المفترضات، رغم أنهم قالوا إن حضورهم للندوة بمحض الصدفة.
وأضاف أن المشوشين الذين ملأوا القاعة كانوا يبحثون عن أقل كلمة لإثارة البلبلة واستفزاز الحاضرين. لقد بدا المشهد كمسرحية تم فيها تقاسم الأدوار فيما بينهم، فطرف يثير البلبلة ويصرخ وطرف يدعو للالتزام بالهدوء، هذا ليظهر أن الأمر عفوي وبأنهم مغاربة الخارج الذين «لا يسمحون بأن تمس بلادهم»، في حين أن الندوة هي للحديث عما تعرفه البلاد من تراجعات على مستوى حرية التعبير، وهو أمر لم يعد يخفى على أحد، فبمجرد ما يأتي في كلمة المقدمين كلمة «قمع» في تقيم التراجعات يصرخون «المغرب ليس هكذا» وبدأ واحد منهم يصرخ بكلمات نابية ويتظاهر بأنه يدافع عن الملك ويقول «عاش الملك».
وأضاف الصحافي المنصوري: «لقد بدأوا بمقاطعة المتدخلين ثم الصراخ ثم انتقلوا لقطع الكهرباء ورمي كرسي على أحدهم، من أجل بث الرعب في نفوس الحاضرين، وتم نشر رائحة كريهة، نحن المتدخلون تم حصرنا في زاوية وسببنا بكلام منحط، وكنت خائفاً من أن أتعرض لطعن أو ضرب، لكن بعد المناداة على الشرطة وقبل وصولها انسحبو . أخبرنا صاحب القاعة فيما بعد أن هناك من جاءوا إليه وقدموا أنفسهم كمنظمين وهم ليسوا من المنظمين، لرِؤية القاعة، وأظن أنهم درسوا القاعة وهيأوا خطة لنسف الندوة، الكثير من المعطيات إذن، ومن ضمنها إحضار مادة تثير رائحة كريهة، يدل على أن الأمر كان مدبراً».
وقال الناشط الحقوقي المغربي جاكوب كوهين، الذي حضر الندوة، إن عناصر من السفارة المغربية حضرت الندوة وإن بعضهم كان يصرخ «عاش الملك»، وأضاف: «مهول أن هذه السلطة لم تتسامح حتى مع اجتماع لما يقارب ثلاثين من المناضلين المسؤولين»، وهو ما تحدث عنه كذلك المنصوري في شهادته بالقول: «أظن أن الندوة أظهرت الواقع بشكل أقوى، وما وقع يعكس بشكل جلي واقع حرية التعبير في المغرب، فضاء حرية التعبير بالمغرب انتقل للعالم الافتراضي وللفضاء الفرنسي، وها هو يتم محاصرته بباريس، مثل هذه الأنشطة التي تلامس رأياً عاماً آخر هي مزعجة للسلطة».
ملف الصحافي توفيق بوعشرين هو أحد عناصر الإزعاج في الندوة التي تعرضت للنسف، من آراء مختلفة، فحضور محمد رضا، عضو لجنة الحقيقة والعدالة في ملف بوعشرين إلى جانب الرياضي، أثار تخوفات من إثارة ملف بوعشرين، والحديث عن الخلفيات الحقيقة وراء اعتقاله خاصة بعد صدور تقرير اللجنة الخاصة المكلفة بالاعتقال التعسفي بالأمم المتحدة، الذي طالب الدولة المغربية بإطلاق سراح بوعشرين «فوراً» و»تعويضه» و«التوقف عن مثل هذه الممارسات»، معتبراً أنه تم اعتقاله من أجل آرائه.
وأن الجمعية المنظمة للنشاط تتدوال أمر اللجوء للقضاء الفرنسي عبر رفع دعوى ضد الأشخاص الذين، حسب المنصوري، تتوفر صور لهم وأشرطة وهم يحملون الكراسي وينعتون المتدخلين بأقبح النعوت وتهديدهم ، كما أن رسالة بعثها أحد النشطاء إلى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بخوص واقعة نسف الندوة باعتبار أن ما وقع يمس حرية التعبير بفرنسا وإن كان الموضوع حول واقعها بالمغرب.
وتعيش حرية التعبير والصحافة في المغرب على وقع التراجع والتضييق بسبب اعتقال العديد من الصحافيين، من ضمنهم صحافيون تمت محاكمتهم على خلفية حراك الريف، وكذا الصحافي حميد المهدوي الذي يقضي عقوبة ثلاث سنوات، والصحفي بوعشرين الذي تم الحكم عليه باثنتي عشرة سنة بعد أن وجهت له تهم تتعلق بـ «الاتجار بالبشر» و«الاغتصاب»، و«التحرش الجنسي ». ومتابعة آخرين التي ما زالت قائمة منذ سنوات، كحالة الصحافي علي أنوزلا وغيره ، وهو ما تتحدث عنه تقارير محلية ودولية ترصد واقع التضييق على حرية التعبير، من ضمنها منظمة «مراسلون بلا حدود» الدولية التي صنفت المغرب في الرتبة 135 في تقريرها الأخير لسنة 2018 في مجال حرية الصحافة والتعبير.
أوكي..